الماضي .. الحاضر .. المستقبل
تقسيمة زمنية لما نعيشه من أحداث في الحياة
فعلت كذا ... وأفعل كذا ... وسأفعل كذا
نفكر في الماضي ... نصارع في الحاضر ... نتطلع للمستقبل
فيؤثر ماضينا في حاضرنا, وحاضرنا في مستقبلنا
فيصبح ماضينا سبباً ... نتيجته الحاضر
ويصبح حاضرنا سبباً ... نتيجته المستقبل
فجاء الحاضر سبباً ونتيجة !!
عشنا أحداث ماضينا .. فكان حاضرنا مستقبل
وسنعيش مستقبلنا .. فيصبح حاضرنا ماضي
فجاء الحاضر ماضي ومستقبل !!
وهنا يأتي السؤال:
كيف يكون حاضرنا ماضي ومستقبل؟!!
ولكن السؤال:
هل يوجد في الأصل ما يسمى "حاضر"؟!!
ما الحاضر؟
الحاضر هو توالي لأحداث تحدث في وقتنا هذا .. تحدث الآن
فهو توالي للوقت .. !
أليس بتوالي الوقت و توالي لحظات الوقت تكون قد أصبحت لحظة في الماضي ولحظة في المستقبل؟
ولحظة المستقبل تصبح لحظة ماضي في لحظة مستقبل المستقبل؟
و هذا هو توالي الوقت ... وهذا هو الحاضر
ما هو إلا توالي من أحداث الماضي والمستقبل
فالحاضر ما هو إلا ماضي ومستقبل
في كل لحظة, نعيش ماضي ومستقبل مادام الوقت يمر
أنت الآن تقرأ مقال
فتقول أنك في "الحاضر" تقرأ المقال
ولكنك في الحقيقة قد قرأت بعض السطور فأصبحت في الماضي و ستقرأ باقي الأسطر فهي في المستقبل
وفي السطر الواحد قد قرأت بعض الكلمات فهي في الماضي و باقي السطر في المستقبل
حتى في الكلمة الواحدة تأتي بعض حروفها في الماضي والبعض الآخر في المستقبل
فالحاضر ما هو إلا ماضي ومستقبل
ولكننا درسنا في مدارسنا أن الفعل حالات .. من ضمنها ما يسمى "الفعل المضارع", والذي يعبر عن الحاضر!
وماذا درسنا عن الفعل المضارع؟
أن الفعل المضارع يفيد التجدد والإستمرار
التجدد والإستمرار ... !
فيتوالى الوقت ويمر .. فيصبح ماضي ومستقبل
فالفعل المضارع دل على الماضي والمستقبل
نظرياً يمكن أن نقول أنه عند لحظة معينة تكون هذه اللحظة "حاضراً"
ولكن هذا في حالة واحدة .. عند توقف الوقت
وهذا لن يحدث إلا نظرياً .. فالوقت يمر
وبمرور الوقت ومرور الحاضر(ماضي ومستقبل), "يزداد الماضي ويقل المستقبل"
وكلما زاد الماضي, زاد تأثير الماضي على المستقبل, وزادت الأسباب في الماضي التي تؤثر في المستقبل فنرى نتائجها ..
فيسمى صاحب الماضي بذو "الخبرة"; لما لديه من وفرة أسباب تساعده في تعاملاته في المستقبل
فترى معظم المتقدمين في السن ذوي خبرة
"وتختلف الخبرة بمدى تشبع ماضيك بيها"
فنعيش ما نعيش من وقت
يمر فيه الماضي ويكثر .. ويمر فيه المستقبل ويقل
نفكر في ماضي ونتطلع إلى مستقبل
ويمر الوقت!
قد ميزنا ربنا عن باقي خلقه بالعقل والإرادة
وتكمن ميزة العقل في تفكيره وتفكره فيما يحيطه
فيعرف ويقرر ويختار ... على عكس باقي من حيَّ من المخلوقات
فعقلنا عقل تفكري إرادي .. وعقل باقي الكائنات عقل فطري يخضع لنظرية "التكيف"
والتكيف هو استخدام أسباب الماضي ومعلوماته في التعامل مع المستقبل
فإنه -مثلاً- عند ربط حيوان ما في شجرة, نراه يقاوم وينفر هذا التقيد ..
فهذا التعامل جاء كنتيجة لسبب "الحرية" في الماضي
كان حراً طليقاً .. يتحرك من هنا لهناك .. ويركض
فتكوَّن في ماضيه سبب "الحرية" فجعله يتعامل في مستقبله وفقاً لهذا السبب ..
فيظل يقاوم الربط والتقيد إلى أن يتكون ماضي يحتوي على سبب جديد ألا وهو "التقيد"
فيعرف أنه لا مفر .. وأن هذا هو الحال .. فلا يقاوم, وينصاع للتقيد
فأصبح تعامله مع مستقبله خاضع لسبب "التقيد" في ماضيه
حتى بعدما يُفك قيده .. يظل بلا حراك ..
و يظل هكذا حتى يعرف انه يستطيع الحركة و يتكون عنده ماضي يحتوي على سبب "الحرية" من جديد .. فيتحرك ..
(حدثت هذه التجربة بالفعل مع صغار الفيلة في الهند لمنعهم من الهرب)
هذا هو حال العقل تحت نظرية التكيف
وهو حال العقل الفطري, الذي يتعامل مع عالمه ومستقبله بالفطرة التي خلقه الله عليها دون تفكير
ولكن العقل البشري هو عقل تفكري إرادي
يقع تحت نظرية "الإختيار"
فيواجه أسباب الماضي ويفكر فيها, ثم يختار
فحريته في إختياراته تجعله يحدد كيف يتعامل مع ماضيه وكيف يتعامل في مستقبله
أينصاع لما في ماضيه من أسباب؟ أم يختار التغيير؟
فأسباب الماضي -أياً كان- تؤثر في المستقبل .. فالتغيير في حد ذاته تأثُر
"ولكن ليس كل أسباب الماضي تحتاج إلى تغيير تأثيرها .. فهناك ما هو حميد من نواتج أسباب"
فبإختيارك لما تريد من نواتج في المستقبل يحدد تعاملك مع أسباب الماضي -حسب الماضي- .. تنصاع لتأثيره, أو تغيره !
فماذا نختار؟
وماذا نريد من نواتج في المستقبل؟
فكيف نتعامل مع أسباب الماضي؟
إنتظار نتيجة؟ أم تغيير؟
يتوقف عليك وعلى ما في ماضيك من أسباب وما تريده من نواتج المستقبل
فمن منا لا ينظر للأفضل؟ لا يريد الأفضل؟ في حياته وفي آخرته؟
فعليك الإختيار ...
فهذه هي طبيعة عقلك
تعيش به ومعه حاضرَك من ماضي ومستقبل
تعيش لتُكَوِّن ماضي تعيش به مستقبل ..
تغمس فرشاتك في ألوان ماضيك وترسم لوحة مستقبلك, فترى النتيجة
فماذا تريد أن تكون لوحتك؟!!
فهذه حياتك تعيش فيها ماضي ومستقبل
فيزداد الماضي ويقل المستقبل, إلى أن يأتي اليوم ..
الذي ينتهي فيه المستقبل ويصبح الوقت كله "ماضي"
وهنا .. يكون هذا اليوم "حاضراً" !
وفي هذا اليوم تُسأل عن هذا الماضي!
...........
ويختلف التوقيت الزمني
فهلَّا نعيش جل حاضرنا من ماضي ومستقبل نعمل لهذا اليوم!
نفكر فيما مضى ونحسن ما فيه ونجعله سبب اندفاع في المستقبل تجاه الأفضل فنرى النتيجة
ننير مستقبلنا بما في ماضينا من بصيص نور .. بما في ماضينا من نور
قم .. وتحرك .. واركض .. واختار!
ماضي فات .. مستقبل آت .. هذه حياتنا وهذا حاضرنا
حاضرنا من الماضي والمستقبل .. قضية وقت!